الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.مقتل البحراني قائد الزنج. كان اصطيخور لما ولي الأهواز بعد منصور الخياط بلغه مسير يحيى بن محمد قائد الزنج إلى نهر العباس عند مسير الموفق إليهم فخرج إليه اصطيخور فقاتله وعبر يحيى النهر وغنم سفن الميرة التي كانت عند اصطيخور وبعث طلائعه إلى دجلة فلقوا جيش الموفق فرجعوا هاربين وطلائع الموفق في اتباعهم وعبروا النهر منهزمين وبقى يحيى فقاتل وانهزم ودخل في بعض السفن جريحا وغنم طلائع الموفق غنائمهم والسفن وأحرقوا بعضها وعبروا المأخوره على يحيى فأنزلوه من سفنهم خشية على أنفسهم فسعى به طبيب كان يداوي جراحه وقبض عليه وحمل إلى سامرا وقطع ثم قتل ثم إنفذ الخبيث علي بن أبان وسليمان بن موسى الشعراني من قواده إلى الأهواز وضم إليهما الجيش الذي كان مع يحيى ومحمد البحراني وذلك سنة تسع وخمسين فلقيهما اصطيخور بدستميسان وانهزم أمامهما وغرق وهلك من أصحابه خلق وأسر الحسن بن هزيمة والحسن بن جعفر وغيرهما وحبسوا ودخل الزنج الأهواز فأقاموا يفسدون في نواحيها ويغنمون إلى أن قدم موسى بن بغا..مسير ابن بغا لحرب الزنج. ولما ملك الزنج الأهواز سنة تسع وخمسين سرح المعتمد لحربهم موسى بن بغا وعقد له على الأعمال فبعث إلى الأهواز عبد الرحمن بن مفلح وإلى البصرة إسحق بن كنداجق وإلى بادرود إبراهيم بن سيما وأمرهم بمحاربة الزنج فسار عبد الرحمن إلى علي بن أبان فهزمه أولا ثم كانت لعبد الرحمن الكرة ثانيا فأثخن فيهم ورجعوا إلى الخبيث وجاء عبد الرحمن إلى حصن نهدي فعسكر به وزحف إليه علي بن أبان فامتنع عليه فسار إلى إبراهيم بن سيما ببادرود فواقعه فانهزم أولا إبراهيم ثم كانت له الكرة ثانيا وسار ابن أبان في الغياض فاضرموها هاربين وأسر منهم جماعة وسار عبد الرحمن إلى علي بن أبان وجاءه المدد من الخبيث في البحر فبينما عبد الرحمن في حربه إذ بعث جماعة من خلفه وشعر بهم فرجع القهقرى ولم يصب منهم شيء إلا بعض السفن البحرية ثم راجع حرب علي بن أبان وفي مقدمته طاشتمر فأوقعوا بعلي بن أبان بالخبيث صاحب الزنج وأقام عبد الرحمن بن مفلح وإبراهيم يتناوبان حرب الخبيث ويوقعان به وإسحق بن كنداجق بالبصرة يقطع عنه المدد وهو يبعث لكل منهما طائفة يقاتلونهم وأقاموا على ذلك سبعة عشر شهرا إلى أن صرف موسى بن بغا عن حربهم ووليها مسرور البلخي كما نذكر..استيلاء الصفار على فارس وطبرستان. قد تقدم استيلاء يعقوب بن الليث الصفار على فارس أيام المعتز من يد علي بن الحسين بن مقتل ثم عادت فارس إلى الخلفاء ووليها الحرث بن سيما وكان بها من رجال العراق محمد بن واصل بن إبراهيم التميمي فاتفق مع أحمد بن الليث من الأكراد الذين بنواحيها ووثبوا بن سيما فقتلوه واستولى ابن واصل على فارس سنة ست وخمسين وقام بدعوة المعتمد وبعث عليها المعتمد الحسن بن الفياض فسار إليه يعقوب بن الليث سنة سبع وخمسين وبلغ ذلك المعتمد فكتب إليه بالنكير وبعث إليه الموفق بولاية بلخ وطخارستان فملكهما وقبض على رتبيل وبعث إلى المعتمد برسله وهداياه ثم رجع إلى بست واعتزم على العود إلى سجستان فعجل بعض قواده الرحيل قبله فغضب وأقام سنة ثم رجع إلى سجستان..استيلاء الصفار على خراسان وانقراض أمر بني طاهر منها ثم استيلاؤه على طبرستان. ثم جاء إلى هراة وحاصر مدينة نيسابور حتى ملكها ثم سار إلى بوشنج وقبض الحسين بن علي بن طاهر بن الحسين وبعث إليه محمد بن طاهر بن عبد الله شافعا فيه فأبى من إطلاقه ثم ولى على هراة وبوشنج وباذغيس ورجع إلى سجستان وكان بها عبد الله السخري ينازعه فلما قوي عليه يعقوب فر منه إلى خراسان وحاصر محمد بن طاهر في نيسابور ورجع إليه الفقهاء فأصلحوا بينه وبيد وولاه الطبسين وقهستان وأرسل يعقوب في طلبه فأجاره محمد فسار يعقوب إليه بنيسابور فلم يطق لقاءه ونزل يعقوب بظاهرها فبعث بعمومته وأهل بيته فتلقوه ثم خرج إليه فوبخه على التفريط في عمله وقبض عليه وعلى أهل بيته ودخل نيسابور واستعمل عليها وارسل إلى الخليفة بأن أهل خراسان استدعوه لتفريط ابن طاهر في أمره وغلبه العلوي على طبرستان فبعث إليه المعتمد بالنكير والاقتصار على مابيده وإلا سلك به سبيل المخالفين وذلك سنة تسع وخمسين وقيل في ملكه نيسابور غير ذلك وهو أن محمد بن طاهر أصاب دولته العجز والإدبار فكاتب بعض قرابته يعقوب بن الصفار واستدعوه فكتب يعقوب إلى محمد بن طاهر بمجيئه إلى ناحية موريا بقصد الحسن ابن زيد في طبرستان وأن المعتمد أمره بذلك وأنه لا يعرض شيئا من أعمال خراسان وبعث بعض قواده عينا عليه يمنعه من البراح عن نيسابور وجاء بعده وقدم أخاه عمرا إلى محمد بن طاهر فقبض عليه وعنفه على الأعمال والعجز وقبض على جميع أهل بيته نحو من مائة وستين رجلا وحملهم جميعا إلى سجستان واستولى على خراسان ووثب نوابه في سائر أعمالها وذلك لاحدى عشرة سنة وشهرين من ولاية محمد ولما قبض يعقوب على ابن طاهر واستولى على خراسان هرب منازعه عبد الله السخري إلى الحسن بن زيد صاحب طبرستان فبعث إليه فأجاره وسار إلى يعقوب سنة ستين وحاربه فانهزم الحسن إلى أرض الديلم وملك يعقوب سارية وآمل ومضى في اثر الحسين من عسكره نحو من أربعين الفا من الرجل والظهر ونجا بعد مشقة شديدة وكتب إلى المعتمد بذلك وكان عبد الله السخري قد هرب بعد هزيمة الحسن العلوي إلى الري فسار يعقوب في طلبه وكتب إلى عامل الري يؤذنه بالحرب إن لم يدفعه إليه فبعث به إليه وقتله ورجع إلى سجستان.
|